إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
108385 مشاهدة
الحج بين تحقيق التوحيد ونفي الشرك

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، نذكركم بنعم الله تعالى بفضائله على عباده.
وإن من أكبر نعمه أن هدانا للإسلام؛ أن جعلنا مسلمين، فقد حرمت أمم كثيرة هذه النعمة التي هي نعمة الهداية، ونعمة الإسلام، واختاروا أديانا أخرى غير دين الإسلام، وهدى الله هذه الأمة الإسلامية، وأنعم عليهم بهذه النعمة، وأنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة وهو واقف بعرفة قول الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا .
أخبر بأنه أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة وأن من أتم وأعظم النعمة أن رضي لنا الإسلام دينا؛ فعلينا عباد الله أن نحقق هذه النعمة التي هي الإسلام الحقيقي؛ وذلك لأن كثيرا ممن ينتمون إلى الإسلام لم يحققوا الإسلام الذي هو الإذعان والانقياد لأوامر ربهم سبحانه وتعالى.
نذكركم أيضا بنعمة ثانية: وهي نعمة التوحيد الذي هو إخلاص العبادة لله تعالى، فإن أعظم ما أمر الله به التوحيد، وهو إفراد الله بالعبادة، وأعظم ما نهى عنه الشرك، وهو دعوة غير الله معه ونعوذ بالله.
فمن وفقه الله تعالى وحقق هذا التوحيد أخلص العبادة لله عز وجل؛ فهو ممن تمت عليه النعمة، وأما من أشرك بالله أو عظم مخلوقا جمادا أو حيا بشيء من بأنواع التعظيم التي لا تصلح إلا لله؛ فإنه قد أحبط عمله، وقد أفسد أعماله وأفسد إسلامه.
ولعلنا أن نذكر بعض الأمثلة على ذلك الذي هو حقيقة التوحيد، وما يضاد ذلك من الشرك، فنتذكر أن عباداتنا التي تعبدنا بها أنها لله سبحانه وتعالى.
فالإحرام عبادة لله تعالى؛ ولهذا المسلم المحرم يتجرد عن لباسه المعتاد تذللا وعبودية وخضوعا لله سبحانه وتعالى، والطواف بالبيت عبادة لله سبحانه وتعالى؛ بمعنى أن الإنسان إذا كان في الطواف يكون خاشعا لربه وخاضعا له ومعظما له؛ ولهذا يجتهد في الذكر ويجتهد في الدعاء أو في قراءة القرآن -عبادات قولية، وكذلك أيضا يخشع ويخضع ويتواضع لربه سبحانه وتعالى عبادات فعلية.
كذلك أيضا بقية أعمال المناسك كلها عبادات، الوقوف بعرفة خضوع لله سبحانه وتعالى، والمبيت بمزدلفة وذكر الله هناك امتثالا لقوله تعالى: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ هذا أيضا عبادة؛ يعني كونهم يبقون في ذلك المكان لأن ذلك من تعظيم حرمات الله التي أمر الله بتعظيمها احتراما لله وتواضعا لله في قوله تعالى وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ ؛ يعني محارم الله ومشاعر الله وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ ؛ يعني الأماكن التي جعلها الله تعالى شرائع وشعائر لعباده كقوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ .
فالطواف بالبيت تعظيم لشعائر الله، والسعي بين الصفا والمروة تعظيم لشعائر الله، ورمي الجمار تعظيم لشعائر الله، كل ذلك امتثال لأمر الله، فكل ذلك نعتبره طاعة وعبادة.
وإذا عرفنا أن هذه الذي تفردنا بها أنها عبادات لربنا سبحانه وتعالى، نعرف أن هناك من أفسد عباداته بنوع من الشرك سواء شركا قوليا، أو شركا فعليا، وننزهكم إن شاء الله عن مثل هذه الشركيات، ولكن نذكركم بها حتى تكونوا على حذر وحتى تعلموا خطر أولئك الذين يفعلونها، أنهم قد وقعوا في الشرك.